ليلة غرق ايقونة البحار
ستظل تايتانيك نموذجاً يجمع بين متناقضين هما قدرة الإنسان اللا محدودة وضعفه اللا محدود!.. فكانت سفينة تايتانيك معجزة هندسية في وقتها حتى سُمّيت السفينة التي لا تغرق، لكن السفينة التي لا تغرق “غرقت” لتأخذ معها 1,500 راكب إلى أعماق المحيط في أول إبحار لها!
وبفضل تكنولوجيا العصر المتطورة استطاعت الرحلات الاستكشافية على مدار السنوات الماضية دراسة السفينة القابعة على عمق 4 كيلومترات في قاع وكشفت لنا هذه الصور التي تعرض لأول مرة:
وقع حادث غرق السفينة آر إم إس تيتانيك في ليلة الرابع عشر من إبريل حتى صباح يوم الخامس عشر من إبريل عام 1912 في شمال المحيط الأطلسي، أي في اليوم الرابع بعد أول إبحار لها من مدينة ساوثهامبتون إلى مدينة نيويورك. وكانت تيتانيك أكبر عابرة محيط منتظمة دخلت الخدمة حينئذ، حيث يُقَدَّر عدد الأشخاص على متنها بحوالي 2,224 فرد عندما اصطدمت بجبل جليدي الساعة 23:40 (طبقًا لتوقيت السفينة) يوم الأحد 14 إبريل 1912. وأدّى غرق السفينة بعد ساعتين وأربعين دقيقة، أي في الساعة 02:20 (05:18 بتوقيت غرينيتش) يوم الأحد 15 إبريل، إلى وفاة أكثر من 1,500 شخص مما جعل هذا الحادث أحد أبشع الحوادث البحرية في وقت السِلم في التاريخ.
تلقَّت تيتانيك ستة إنذارات في 14 إبريل تحذرها من وجود جبال جليدية في البحر، ولكنها كانت تُبحر بسرعتها القصوى تقريبًا عندما لمح طاقمها فجأةً وجود جبل جليدي. ولكن لم تستطع السفينة أن تنعطف بسرعة كافية لتتفادى الاصطدام، لذلك تلقت السفينة ضربة عَرَضيّة غير مباشرة تسببت في إنبعاج الميمنة وفَتْح خمس مقصورات من أصل ست عشرة مقصورة على البحر. كانت تيتانيك مُصَمَّمة أن تبقى طافية حتى إذا غمرت المياة أربع مقصورات لا أكثر، وسرعان ما أدرك طاقم السفينة أنها ستغرق. لذلك استخدم الطاقم مشاعل الاستغاثة الصاروخية والرسائل اللاسلكية لطلب النجدة أثناء وضع الركاب في قوارب النجاة. وبالرغم من أنه لم يكن غير قانوني، فإن السفينة كانت تحمل عددًا محدودًا جدًا من قوارب النجاة لتكفي جميع الركاب، كما أن العديد من القوارب لم تكن مُحَمَّلة بالكامل نتيجة للإخلاء غير المنظم للركاب.
غرقت الباخرة تيتانيك وعلى متنها ما يزيد عن ألف راكب وفرد من طاقم السفينة. كما مات تقريبًا كل مَنْ قفز أو سقط في المياة في غضون دقائق نتيجة لانخفاض درجة حرارة الجسم (Hypothermia). وبعد حوالي ساعة ونصف الساعة من غرق السفينة تيتانيك وصلت السفينة آر إم إٍس كارباثيا (RMS Carpathia) إلى موقع الحدث وأنقذت آخر الناجين في قوارب النجاة قبل الساعة 09:15 في يوم 15 إبريل، أي أكثر قليلاً من 24 ساعة بعد تلقي طاقم سفينة تيتانيك أولى التحذيرات بشأن وجود إنجراف في الجبال الجليدية في المحيط. وقد تسببت هذه الكارثة في غضب عارم واسع النطاق حول نقص قوارب النجاة والتراخي في قوانين الشحن البحري وعدم المساواة بين طبقات الركاب المختلفة على متن السفينة. وجرت التحقيقات في أعقاب تلك الكارثة وحثت على أنه لابد من إجراء تغييرات جذرية في اللوائح البحرية، الأمر الذي انتهي بوضع الإتفاقية الدولية لسلامة الحياة في البحر عام 1914 وهي التي لا تزال تشرف على سلامة الأمن الملاحي حتى الآن.